أحاديث الرسول عن الموت
أحاديث الرسول عن الموت

أحاديث الرسول عن الموت

تحدث النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا عن الموت، فهو من الأمور المقررة التي يواجهها كافة البشر وهي الواقع الثابت الذي أبان الله تعالى عنه في القرآن العظيم حيث قال (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ). إن الخلود ليس إلا لله، الذي لا شريك له، ومع الممات، يتحول الإنسان من وجوده الدنيوي إلى مصيره في الآخرة، حتى يأتي وقت الحساب.

أحاديث الرسول عن الموت

تحدث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الموت وأمور الآخرة في العديد من أقواله الشريفة، وسنسلط الضوء على بعض من أهم تلك الأحاديث في الفقرات القادمة.

  • حدّثنا جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: “لو جرى ابن آدم هارباً من قدره ونصيبه كما يجري هرباً من أجله، لكان رزقه سيصل إليه بالضرورة، تماماً كما يلحق به الموت”.
  • نقل ابن تيمية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أفاد: “بمجرد وفاة الإنسان يتوقف جميع أعماله باستثناء ثلاثة أشياء: الصدقة التي تستمر في تقديم الفوائد، المعرفة التي يستفيد منها الآخرون، والذرية الصالحة التي تصلي من أجله”.
  • بناءً على ما رُوي عن عثمان بن عفان، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم إنه كان يقف على قبر المتوفى ويحثّ الناس قائلاً: “ادعوا بالمغفرة لأخيكم وطلبوا له الثبات، لأنه في هذه اللحظات يتعرض للسؤال.”
  • عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يجب أن يتمنى أي منكم الموت، فإذا كان مُحسناً في عمله ربما يتاح له الزيادة في الإحسان، وإذا كان مقصراً فربما يجد فرصة للتوبة والإصلاح.”
  • روي عن محمود بن لبيد الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر قائلاً: “هناك شيئان لا يحبهما ابن آدم وهما الموت، والذي هو في الحقيقة أفضل له من الوقوع في الشدائد، ونقص في الثروة، والذي هو في واقع الأمر يؤدي إلى أسهل حساب يوم القيامة”.
  • جاء عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، أفاد بقوله: “اجعل ذكر الموت حاضرًا في صلاتك، فعندما يُفكّر الإنسان في الموت خلال صلاته، من المرجح أن تَتَجَوّد صلاته. وصلّ كمن يعتقد أن هذه الصلاة قد تكون آخر ما يؤدي. وابتعد عن كلّ تصرّف قد يستلزم الاعتذار”.
  • عن طريق أبي هريرة، رضي الله عنه، أورد حديثاً من النبي، صلى الله عليه وسلم: “تحدثوا كثيراً عن مُفَسِّد اللذات، وهو الموت”.

أطول أحاديث الرسول عن الموت

تحدث النبي محمد عليه الصلاة والسلام عن أمور الحياة والممات بتفاصيل مختلفة، ومن بين الروايات التي قدمها، كان هناك حديث طويل يتعلق بذلك:

بحسب ما روى أبي هريرة، والذي يرضى الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد قال: “عندما يُدفن الميت – أو يقول: أحدكم – يأتيه ملكان ذوا لون أسود وأزرق، اسم أحدهما المنكر والآخر النكير. يسألان الشخص: ماذا كنت تقول بخصوص هذا الرجل؟ فيجيب الميت بما كان يقول دائماً: إنه عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وعبده. فيؤكدان له أنهما كانا على علم بما كان يقول، ومن ثم يُوسع له في قبره سبعين ذراعاً في كل اتجاه، ويُضاء له فيه. بعدها يُطلب منه أن ينام، فيسأل الرجل: هل يمكنني العودة إلى عائلتي لأخبرهم؟ فيجيبانه: نم نومة العروس التي لا يوقظها إلا أعز الناس إليها، حتى يبعثه الله من مرقده. وإن كان الميت منافقاً يقول: سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت كما قالوا ولا أدري حقيقته. عندئذٍ يقولان له: لقد كنا نعلم أنك ستقول ذلك، ويُؤمر القبر أن يضيق عليه فيتقارب عليه حتى تختلف أضلاعه، ويبقى معذباً في ذلك الحال حتى يبعثه الله من مرقده.”

أحاديث الرسول عن سكرات الموت

روت السيدة عائشة، أم المؤمنين، رضي الله عنها، عدداً من الأحاديث الشريفة التي تحدثت عن أحوال احتضار الموت، حيث كان من بينها الأحاديث البارزة التالية:

قالت عائشة، أم المؤمنين – رحمة الله عليها -: (إن من فضل الله علي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد توفي في داري وفي يومي، وهو بين جنبي، وأن الله قد أكرمني بخلط لُعابه بلُعابي حينما حانت وفاته. كان عبد الرحمن ابني قد دخل ومعهُ سواك، في حين كنت أسند النبي – صلى الله عليه وسلم. فلما رأيته ينظر إلى السواك وأدركت حبه له، عرضت عليه أن أحضره له فأومأ بالإيجاب. فأخذت السواك ووجدته قاسيًا، فسألته إن كان يريد تليينه فأومأ أيضًا بالرضا. فعملت على تليينه وتنقيته. كان أمامه إناء – يختلف أمر بين ركوة أو علبة – مملوء بالماء، كان يغمس يديه في الماء ويمسح وجهه قائلًا: لا إله إلا الله، حقًا إن للموت لغرغرة. ثم طلعت يده مرة تلو الأخرى قائلاً: إلى الرفيق الأعلى، حتى فارق الحياة وسقطت يده).

تحدثت عائشة، زوجة النبي وأم المؤمنين، رضي الله عنها، قائلة: كان النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يملك إناءً أو علبة بها ماء بالقرب منه. وذكرت أن عمر بدأ بغمس يديه في الماء ثم يمسح بهما وجهه وهو يردد “لا إله إلا الله، إن للموت لغرغرة”، ومن ثم رفع يده وأخذ يقول: “إلى الصحبة العليا”.

أحاديث الرسول عن الخاتمة الحسنة

ضمن نقاشنا حول ما تحدث به النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الوفاة، سنعرض سلسلة من الأحاديث الصحيحة للنبي العظيم والتي تتعلق بكيفية إنهاء الحياة بشكل جيد، ومن ضمن هذه الأحاديث ما سوف نقدمه تالياً:

نقل عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- عن قول النبي -صلى الله عليه وسلّم- أن أي مسلم يفارق الحياة في يوم الجمعة أو خلال ليلتها، فإن الله سبحانه وتعالى سيحميه من محنة القبر.

روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل: ما تعرفونه بالشهيد منكم؟ فأجابوا: يا رسول الله، الشخص الذي يموت في جهاد في سبيل الله هو الشهيد. فرد: لو كان الأمر كذلك، إذًا عدد الشهداء في أمتي سيكون قليلاً. وتساءلوا: إذًا من هم الشهداء يا رسول الله؟ فقال: الذي يموت في سبيل الله هو شهيد، وكذلك الذي يموت بالطاعون شهيد، ومن يموت بمرض في بطنه شهيد. وأضاف ابن مقسم: أشهد على والدك في هذا الحديث أنه قال: ومن يموت غرقًا فهو شهيد. وفي نسخة أخرى: قال عبيد الله بن مقسم، أشهد على أخيك أنه أضاف في هذا الحديث أن من مات غريقًا فهو أيضًا شهيد.

عن طلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه، قال: (رأى عمر بن الخطاب طلحة بن عبيد الله مثقلاً، فاستفسر منه: ما بالك يا أبا … ؟ هل أزعجتك امرأة ابن عمك يا أبا … ؟ فأجاب طلحة: لا، ولكني استمعت إلى حديث من النبي – صلى الله عليه وسلم – لم أحضر منه إلا أن أسأله عما فيه قبل وفاته، لقد سمعته يقول: إني أعلم ببعض الأقوال التي إذا نطق بها العبد وهو يحتضر، تضيء محياه، ويفرج الله بها كربته. فردّ عمر: إني أعرف ما هو. قال طلحة: وما هو؟ فقال عمر: هل تعرف قولاً أعظم من الذي أوصى به عمّه لدى الموت: لا إله إلا الله؟ فأقر طلحة: أجل، صدقت، ذلك القول بالتحديد).

جاء عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، أنه ذكر: أخبرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأن الشخص الذي يجعل “لا إله إلا الله” آخر ما ينطق به، سوف يصبح من أهل الجنة.

لقد استعرضنا سلسلة من أحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، التي تتحدث عن الموت، ومن الجدير بالإشارة إلى أن الإنسان مهما بلغت قدراته في هذه الحياة، لا يملك القدرة على أن يقدم أو يؤخر زمان وفاته لحظة واحدة. وقد أكد الله تعالى هذه الحقيقة في كتابه العظيم، وبالتحديد في سورة الأعراف، الآية رقم 34 حيث أورد عز من قائل: “ولكل أمة أجل، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”. نسأل الله تعالى أن يمن علينا جميعاً بحسن الختام، بإذن الله تعالى.